فن

«مائة عام من العزلة»: تحفة ماركيز ومشروع نتفليكس الطموح

حكاية ماركيز مع السينما حكاية شغف كبير وافتتان واضح، لكنه رفض عرضاً بتحويل رواية «مائة عام من العزلة» إلى فيلم لقاء مليون دولار.. ترى ما سبب رفضه؟

future الروائي الكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز، وبوستر مهرجان كان في دورته الـ35

ماركيز والسينما: أطياف عديدة لشغف هائل

(١)

حكاية الساحر الكولومبي وعراب الواقعية السحرية جابرييل جارثيا ماركيز مع السينما هي حكاية شغف كبير وافتتان واضح. أحب ماركيز شابلن وأورسون ويلز وكوراساوا، كما فتنته أعمال الإيطالي فيتوريو دي سيكا. كان يرى فيلمه «سارقو الدراجة» أكثر أفلام العالم إنسانية.

تتخذ محبة السينما وأثرها لدى ماركيز ألواناً عديدة. سحرت روايته وقصصه مخرجي السينما، سواء داخل أمريكا اللاتينية أو خارجها، كما كتب هو نفسه عدداً من السيناريوهات السينمائية. بدأ ماركيز حياته الصحفية ناقداً سينمائياً، كما اختير عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في كان عام 1982.

أرجع عدد من نقاده خيالَه البصري ولغته الوصفية الأقرب للسيناريو السينمائي لأثر السينما عليه. يعترف ماركيز أيضاً بأن تجربته في السينما عززت إمكاناته الروائية.

(٢)

لكن محبة السينما لدى ماركيز تذهب إلى أبعد من ذلك. علينا أن نعود إلى أراكاتاكا حيث عاش مع جديه سني طفولته الأولى، وحيث عرفه جده هناك على السينما للمرة الأولى باعتبارها أعجوبة القرن العشرين. كان يرتاد مع جده دار سينما صغيرة يملكها إيطالي، وحين يعودان إلى البيت كان الجد يطلب من ماركيز الطفل أن يعيد حكي الفيلم بكلماته الخاصة. كانت السينما إذاً صلته الأولى بالحكي والحكايات إلى جانب حكايات جدته المستغرقة في سحرها.

«مائة عام من العزلة»: رواية ضد السينما

(٣)

سمح ماركيز أثتاء حياته بتحويل عدد من رواياته وقصصه إلى أفلام، لكنه دائماً ما رفض الاقتراب من تحفته «مائة عام من العزلة». من المعروف أن ماركيز رفض عرضاً من الممثل أنطوني كوين بتحويل الرواية إلى فيلم لقاء مليون دولار. ويقول في هذا الصدد: «لأنني لا أريد أن أجد الكولونيل أورليانو يتحول إلى صورة أنطوني كوين على أغلفة الرواية».

صرح ماركيز مرة أنه كتب «مائة عام من العزلة» كرواية مضادة للسينما. هل كان ماركيز يقصد أن زمنها الممتد لمائة عام وحبكتها الهائلة وشخصياتها الكثيرة جداً سوف تجعل من مهمة أفلمتها عملاً مستحيلاً؟

طالما رافق أفلمة رواياته وقصصه تحديات كبيرة وإحباطات، حيث صاحب هذه المشاريع تطلعات هائلة من قبل قرائه نادراً ما يطاولها الوسيط السينمائي، كان سحر الروايات غالباً ما يتبخر في المسافة بين الرواية والشاشة. فما بالك برواية في سحر وعظمة واكتمال «مائة عام من العزلة».

نتفليكس ومشروعها الأكثر طموحاً

(٤)

كانت نتفليكس قد أعلنت حصولها على حقوق اقتباس الرواية وتحويلها إلى مسلسل عام 2019، جرى ذلك بمباركة من ولدَي ماركيز؛ رودريجو وجونزالو، اللذين سينضمان لفريق المنتجين المنفذين للمسلسل. أوضح الوريثان حينذاك موقف والدَيهما، وعدَّا أن العصر الذهبي الذي تمر به المسلسلات بفضل منصات البث، ولا سيما الإنتاجات الناطقة بلغات أجنبية، يشكل فرصة من أجل منح الرواية جمهوراً أوسع. حرص ابنا ماركيز على وضع الخطوط العريضة للدراما؛ بدءاً بلغتها الإسبانية، مروراً بروحها الكولومبية، وصولاً إلى مدتها الزمنية المستحقة. 

(٥)

سبق أن حققت نتفليكس نجاحات غير مسبوقة في عالم الدراما اللاتينية بمسلسلات مثل «ناركوس» الذي يروي طرفاً من حياة بابلو إسكوبار.

كانت نتفليكس قد أطلقت المقطع الدعائي للعمل المكون من 16 حلقة في ذكرى وفاة ماركيز العاشرة، وسيعرض في وقت لاحق هذا العام. وقد صُوِّر في كولومبيا، بتوقيع إخراجي من لاورا مورا وأليكس غارسيا لوبيز.

أثار المقطع الترويجي للمسلسل مخاوف وآمالاً بين محبي ماركيز وقرائه. هل سينجح المسلسل في نقل سحر الرواية ودهشتها إلى الشاشة؟ أعتقد أن هذا المشروع المغامر والطموح يستحق الانتظار والترقب.

# فن # أدب # سينما # غابرييل غارثيا ماركيز

فيلم Joker: Folie à Deux: حكاية تقلع بلا أجنحة
فيلم «المخدوعون»: فلسطين في مواجهة الرجال والشمس
بسبب التنافس على السلطة: أشهر قصائد المعارضة عند العرب

فن